أياما معدودة بعد رحيل الدكتاتور خرج الأمنيون متباكين طالبين الصفح و الاعتذار من الشعب الذي قمعوا , و بعد مدّة قصيرة أخرى خرجوا متباكين مطالبين بتكوين نقابات ورافعين شعار الأمن الجمهوري و في هذا اعتراف بأنّهم لم يكونوا أبدا أمنا في خدمة الوطن و المواطن و الجمهورية بل في خدمة المافيا التي كانت و لازالت تحكم قبضتها على رقاب المواطنين و كان لهم ما أرادوا . و تكوّنت النقابات لنفاجأ بعد ذلك بتنصّلهم من مسؤوليتهم فيما يتعلّق بقضايا شهداء و جرحى الثورة . و خرجوا علينا بعد مؤتمر سوسة أو دعوني أقول مؤامرة سوسة بالفصل السابع من بيانهم و الذي بيّنوا فيه تنصّلهم من المسؤولية فيما يخصّ المجازر التي ارتكبوها خلال أيام ديسمبر2010 و جانفي2011 وقد تم إقرار الحق النقابي الأمني بمقتضى المرسوم عدد 42 لسنة 2011 في 25 مايو 2011 ثم تم تكريس هذا الحق دستوريًّا في دستور الجمهورية الثانية . و مع تواتر الأحداث الارهابية تعدّدت مظاهرات الامنيين المطالبة بالترفيع في الأجور و المنح المختلفة و كان لهم ذلك في كثير من الأحيان . و ساندناهم جميعا و كنّا في صفّهم كلّما تعلّق الأمر بالاعتداءات الارهابية عليهم . فخرجنا في مظاهرات و مسيرات و شخصيا بلغ منّي الغباء الى درجة المشاركة في مسيرات توزيع الورود على المراكز الأمنية فقد كان الأمل وقتها هو بناء تونس تتسّع لجميع أبنائها رغم أنّني مقتنعة أنّ ما يقومون به واجبهم فهم من اختاروا الالتحاق بهذه المهنة و هم يتلّقون أجرا مقابل تأديتها . و قد ساندت العديد من الامنيين الذين خلت أنهم تعرّضوا الى مظالم ايمانا منّي بالانسانية و مبدا المساواة بين جميع البشر. و لكن انتهازية هؤلاء و جشعهم لا تعر حدودا فها أنّهم اليوم يطالبون بتمرير قانون لن يساهم في مقاومة الارهاب .
فمن الغباء تصوّر أنّ هذا القانون المهزلة من شأنه أن يحدّ من اعتداء ات الارهابيين على المواطنين فالارهابيون يحلمون بنيل الشهادة لملاقاة حور العين في الجنّة و يرون في الأمنيين طواغيت و في قتلهم طريقا سريعة الى هذا المبتغى . هم لا يؤمنون لا بالدولة و لا بقوانينها . هذا القانون سيسلّط على الضعفاء من بنات و أبناء هذا الشعب بل سيكون سيفا يسلّط على رقاب كلّ من يؤمنون بانسانيتهم و انسانية غيرهم و يصدحون بأصواتهم أمام التجاوزات التي لا يتوانى بعض الأمنيين على القيام بها . نعم سيسلّط هذا القانون سيفا على رقاب كلّ من يندّدون بالاعتداءت الأمنية على المواطنين و التعذيب و ممارسات من قبل الرشوة و غيرها . هذا القانون لن يحدّ أبدا من غيّ الارهابيين و جنونهم وتوقهم الى اسالة الدماء هذا القانون ارهاب سيكرّس الارهاب فالقمع لن يولّد سوى المزيد من النقمة و التطرّف. و هاهي بعض النقابات الآن تهدّد بالاضراب و برفع الحماية عمّن يهدّد الارهابيون حياتهم في اعتداء صارخ على الدستور و الدولة و البلاد و العباد و الدستور الذي دفع التونسيون ثمنه غاليا . معتدين على الدستورفي فصله ال 35 و الذي يقول :
«الحق النّقابي بما في ذلك حق الإضراب مضمون، ولا ينطبق هذا الحقّ على الجيش الوطني، ولا يشمل حقّ الإضراب قوات الأمن الدّاخلي والديوانة»
و على قوانينهم التاسيسية فالفصل التاسع للقانون الأساسي للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي مثلا يقول حرفيا
" لا تمارس النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي الإضراب عن العمل الأمني ولا تدعو إليه."
ما يحدث مخز و لا يمتّ للعمل النقابي بصلة و لا علاقة له بمقاومة الارهاب هو توق للتغوّل و حنين للماضي المرعب و توق لاتهاك حقوق الانسان . و ماهكذا تحمى حقوق الأمنيين .
و على قوانينهم التاسيسية فالفصل التاسع للقانون الأساسي للنقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي مثلا يقول حرفيا
" لا تمارس النقابة الوطنية لقوات الأمن الداخلي الإضراب عن العمل الأمني ولا تدعو إليه."
ما يحدث مخز و لا يمتّ للعمل النقابي بصلة و لا علاقة له بمقاومة الارهاب هو توق للتغوّل و حنين للماضي المرعب و توق لاتهاك حقوق الانسان . و ماهكذا تحمى حقوق الأمنيين .
رحم الله شهداء هذا الوطن من مدنيين و أمنيين و عسكريين و لكن ما هكذا تحمى الحقوق و ما هكذا يقاوم الارهاب و الاجرام على اختلاف أنواعه .