lundi 6 février 2017

غدوة حي قراءة بسيطة لمواطنة بسيطة أو لتونسية تبحث عن مواطنتها

لست بناقدة سينمائية و لم أتعوّد أن أنسب لنفسي ما ليس من صفاتي و اختصاصي. و لكن أعتبر أنّ من حقّي كمتابعة وفية   للأفلام التونسية أن أكتب عنها  كما أراها و أعيشها  . و في هذا السياق أكتب عن فيلم "غدوة حي".  وهو فيلم روائي طويل للمخرج التونسي لطفي بن عاشور ومن بطولة أنيسة داود و دارية عاشور و أشرف .بن يوسف و بمشاركة كل من 
لطيفة القفصي و محمد الداهش  و عيسى حراث  و غازي الزغباني 





لن أتجرّأ طبعا  على تناول المسائل التقنية و الجمالية و لن أتجنّى على  الصوت و الصورة فليس لي من الزاد المعرفي ما يسمح لي بفعل ذلك  بل سأتناول موضوع الفيلم و رسائله . و في هذا السياق أعتبر أنّ الفيلم جاء في وقته ليذكّرنا بواقعنا  فهو يطرح العديد من المشاكل المتعلّقة بالتونسي اليوم.

 و ان تمحورت القصة الرئيسية حول مصير شباب الثورة  سنوات بعد انطلاقها من خلال قصة بطل الفيلم  حسين  الاّ  أنّ المخرج لم يغفل عن تناول قضايا اخرى كبولسة الدولة و علاقة  الأمن بالمواطن  بالاضافة الى انعدام استقلالية القضاء  و استشراء  الفساد و تواصل اللجوء الى  الرشوة  و أيضا تواصل تهميش الجهات وتفشي التجارة الموازية .

الفيلم يأخذنا في رحلة الى اخر ساعات الدكتاتورية من خلال العودة الى احداث يوم 14 جانفي 2011 و ما عاشه عدد كبير من التونسيين  من رعب  بعد تحوّل المسيرة السلمية التاريخية التي تعالت فيها الاصوات و  الحناجر في صرخة  جماعية  موّحدة مطالبة برحيل الدكتاتور الى حلبة للعنف و لاستعمال الغازات المسيلة للدموع و الذخيرة الحيّة و بعد أن حاصر الامنيون المتظاهرين و أجبروهم على اللجوء الى شقق العمارات المجاورة و سطوحها  و الى كل الاماكن التي بدت 
 لهم  امنة  و لم تكن كذلك .فيومها قلّة أسعفهم الحظ فنجوا من غطرسة و بطش حاملي  السلاح و العصي اضافة  الى كثير من الحنق و الكره في قلوبهم .الساعات كانت طويلة بالنسبة لكلّ من عاشوا تلك الاحداث  ,يومها بل سأقول ليلتها لأنّ العديد من التونسيات و التونسيين لم يتمكّنوا من العودة الى ديارهم و قضوا الليلة محاصرين من قبل رجال الشرطة أو تم اقتيادهم الى اقبية وزارة الداخلية و التفنن في التنكيل بهم  ليلتها تكوّنت العديد من الصداقات كالتي تكوّنت بين بطلتي و بطل فيلم  الحال. تواصلت بعضها و انقطعت اخرى . و تتواصل الرحلة لتمتدّ الى ما بعد رحيل الدكتاتور الى لحظتنا الراهنة الى واقعنا المعيش الى ايامنا الحالية و مشاكلنا الانية . فرغم سعي كلّ واحد من أبطالنا الى المساهمة في بناء تونس بطريقته و رغم فرحهم و نشوتهم برحيل الدكتاتور وتوقهم الى حياة جديدة الاّ أنّ الواقع كان مختلفا و تفنّنت الحياة و الظروف في العبث بكلّ واحد منهم . فرّقتهم الحياة أو اختاروا الفراق لأسباب أدعكم تكتشفونها عند مشاهدة الفيلم لتعود الأحداث و تتشابك و تجمعهم من جديد . و  من خلال تشابك هذه الاحداث نغوص في عمق الالم و البشاعة التي صرنا نعيشها لانّ هناك من سعى الى تزييف الحقيقة و تغطيتها و هناك من سعى الى  تفرقة أبناء و بنات تونس و جعلهم يحيدون عن مطالبهم الرئيسية و هناك من عمل جاهدا لكي لا يطرأ أيّ تغيير و تتواصل كلّ الممارسات القذرة القديمة و تبقى دار لقمان على حالها . 
الفيلم بدا لي كصرخة كتذكير  فمن ساهموا في رحيل الدكتاتور من ابناء و بنات الجهات المهمشة و كل شباب و شابات  الوطن   تستنفد قواهم و يقتلون بدم بارد .و تختلف طرق القتل و تتنوّع.  فالموت ماديّ و عنويّ  و من كان من الفاسدين والمتوّرطين ينجو من محاسبة و مساءلة بل و يمكن أن يتحوّل الى بطل و حتى ضحية ثورة مطالب بحقوق و تعويضات .

لن أطيل الحديث في التفاصيل و أدعوكم الى خوض الرحلة في التاريخ بأنفسكم فلن تندموا و في الفيلم تونس و عدة مشاهد رائعة و جميلة و ان موجعة و مؤلمة لتونس فاستمتعوا . 





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...