mercredi 30 octobre 2019

من وحي المرناقية

في كلّ مرّة أزور فيها أحد السجون أعود مثقلة بأحاسيس متضاربة و متناقضة . وخلال الزيارة الأخيرة الى سجن المرناقية لم يختلف الأمر. فوجودنا هناك لعرض فيلم أو توزيع كتاب يعتبر علامة تغيير و توجّه جديد لتحسين وضعية السجون و ايلاء دورها الاصلاحي نوعا من الاهمية و عندما أقول 'نحن' فأنا أعني مكوّنات المجتمع المدني ككلّ . ذهلت لسماع بعض اغاني الراب التي تهاجم 'السيستام" يردّدها بعض المساجين في حفل افتتاح ايام قرطاج السينمائية في السجون بحضور المديرين و ضباط برتب مختلفة . أقول ذهلت لأنّني من جيل كانت الكلمة فيه مقيّدة و مكبّلة بكلّ أنواع الأغلال , من جيل قبع فيه العديد من مغنّي الراب في السجون و اضطرّ الكثير منهم للهجرة من أجل كلماتهم .
شعرت بنوع من الفخر و أنا اطّلع على مكتبة السجن و أرى بعض الرفوف فارغة فيعلمني المسؤول عن الكتب أنّها جميعها عند المساجين يقرؤونها . و يطلعني على القائمات و الأرقام : 2600 كتاب هو عدد الكتب التي قرأها السجناء منذ بداية الشهر . و سعدت و الأخصائية النفسية تحدّثني عن السجين الذي تغيّرت حياته بعد قراءة كتاب لنيتشه ... فسجوننا تحقّق بعضا من تقدّم و تغيير مقارنة بسجون البلدان العربية و مقارنة بما كانت عليه قبل رحيل بن علي .
لم أتمكّن من متابعة كامل فيلم "عرايس الخوف" للنوري بوزيد لأنّ المكان الذي اختارته ادارة السجن لعرض الفيلم لم يكن موائما لوضعي الصحي و شعرت بالاختناق لارتفاع درجة الحرارة فجلست خارجا قرب بعض أعوان السجن و تبادلنا أحاديث مختلفة حول الكتب و أيام قرطاج السينمائية و الأفلام و طبعا وصل الحديث الى ملابس السجاد الاحمر و "ساندرا" ليتسّم الحديث بعدائية ظاهرة . حتى أنّ أحدهم أجابنا عندما تحدّثنا عن وجود العابرين جنسيا في السجون بأنّهم يقومون باصلاحهم /ن و علاجهم/ن وافتخر بانّهم لا يخرجون/ يخرجن كما دخلوا /, دخلن
عندها شعرت بالاحباط و أنا أتصوّر ما يتعرّضون / يتعرضّن له من تعذيب و من اعتداء على كرامتهم/ن و زاد جزعي و أنا أتابع نقاش الفيلم و قد لاحظت عدائية كبيرة من قبل المساجين تجاه شخصية المثليّ في الفيلم . و هالتني العبارات التي استعملها الشبان لوصفه . و هنا تهت بأفكاري و أنا أتصوّر الحياة اليومي لسجين مثليّ بينهم : العنف و الاغتصاب و التنمّر من قبل المساجين و السجانين ... و استرجعت بعض الشهادات التي قرأت في الموضوع و اعتراني الاحباط و القهر .
فإلى متى سنرفض من يختلف عنّا و لا نحترم حريّة كلّ فرد . و الى متى ستتواصل هذه العدائية اللامبرّرة ؟ 
حقّقنا بعض خطوات على طريق التغيير و تحرير الفكر و لكنّ الطريق مازال طويلا فلا تتحقّق الحرية و الكرامة الا بتوفيرها للجميع بدون تمييز لا في علاقة لا بالجنس و لا اللون و لا الدين و لا عرق و لا التوجهات الجنسية و الايديولوجية . عندما يتساوى الجميع أمام القانون و عندما يتمتّع الجميع دون استثناء بحقوقهم الاقتصادية و الاجتماعية دون تمييز .

mercredi 9 octobre 2019

مجرد رأي و اعتذار


نعم كنت من الداعين للمقاطعة بما أنّني لم أجد من يمثّلني حقّا و لكن للضرورة أحكام . فالمشهد الحالي يحتّم علينا اتخاذ موقف و محاولة الخروج من المأزق الذي يعترضنا. نعم أنا حقوقية و تعنيني الحريات الفردية و تعنيني المساواة الحقيقية و الفعلية و في كافة المجالات بالضبط كما تعنيني الحرية و الكرامة و الحق في التشغيل و العدالة الاجتماعية . نعم أنا ضدّ الظلامية و التشدّد الديني و لازلت أعيش تحت وطأة تهديد المتطرفين الى اليوم . و لكنني أيضا ضدّ الفساد و حكم المافيات و الفاسدين . في الأيام الفارطة خيّرت الصمت لمتابعة المشهد و لتفادي اطلاق أحكام مسبقة و متسرعة . و لكن اليوم أجدني مضطرة للادلاء برأيي و هذا طبعا مجرّد رأي شخصي لمواطنة عادية لا تدّعي أنّها خبيرة أو مناضلة أو غيره و كلّ ما أفعله هو التعبير عن رأيي كما يفعل الجميع.
اليوم أراني أساند مترشحا نعته البعض بالداعشي و رأى البعض أنّه يمثّل خطرا على الحداثة و التفتّح و مكتسباتنا في مجال الحريات . لم أكن يوما من مسانديه المقربين و لكنني عرفت بعضا منهم في اعتصام القصبة و تطورت علاقتنا و عايشتهم و لم ألحظ تطرفا في أقوالهم وأفعالهم . جمعتنا محكطت مختلفة في اعتصام القصبة و في مظاهرات ضد نظام الترويكا و ضد النهضة و الاسلاميين . جمعتنا محكات انسانية ايضا و لا أعتقد أنّهم حادوا عن طريقهم و ارتموا في احضان المتطرفين ...لم أر يوما أحدهم يتخابر مع جهات مشبوهة . 
و كما أقول دائما عندما يتعلق الأمر بالحريات يمكننا خوض معارك في الشارع من أجل افتكاكها و قد عشنا ذلك من 2011 الى 2014 و حتى بعد . و هنا سيقول البعض لقد دفعنا الثمن غاليا و سقط العديد من الشهداء و هنا سأقول رحمهم الله جميعا و لكن للحرية ثمن يجب أن يدفع .
أتحدّث الآن عن المترشّح الثاني و لكن قبل ذلك أعتذر لأنّني تطوّعت يوما للعمل في قناته ( نعم تطوعت لأنّني لم أتلّق مليما واحدا من قناة نسمة بل و كنت أقوم بتوير ريبرتاجاتي بألة تصوير شخصية يعرفها جميع من رأوني خلال المظاهرات و التحركات و كنت أتكبد عناء شراء ملابس جديدة لطل حلقة و اتكلد مصاريف التنقل ). أعتذر لأنّني وقتها كنت من السذاجة ما جعلني أصدّق من وثقت بها و أقنعتني بالعمل هناك من أجل مقاومة الظلامية و التشدد و اعلاء صوت الحق و المحافظة على حرية التعبير . و قد كنت أقدّم فقرة سيبونا و هي فقرة حاولت من خلالها تسليط الضوء على محاكمات شباب الثورة على خلفية آرائهم السياسية و آرائهم بصفة عامّة . 
أعتذر رغم أنّني لم أحد يوما على مبادئي و لم أخض في مواضيع لا تتماشى مع قناعاتي و حاولت مساعدة العديد من المظلومين و استقلت عندما استحال العمل هناك بعد أن بدأت الحملات الانتخابية لفائدة نداء تونس و المرحوم الباجي قايد السبسي و بعد ان التحق برهان بسيس بالقناة . نعم أعتذر على سذاجتي و اعتقادي وقتها أنّ الرجل كان يرغب حقا في مواجهة الظلامية و التطرف الديني . 
و قد سمحت لي تلك التجربة ان اعرف ذاك المترشح و لو قليلا . و لذا أرى أنّه يمثّل خطرا حقيقيا على تونس . هو نرجسي حد النخاع و هو مقتنع أنّه بامكانه شراء كل شيء بماله و جاهه . 
ما نشر من تسريبات بصوته مخيف و مفزع فهو لا يحترم مؤسسات الدولة و لا شعبها . هذا بالاضافة الى عدم ايمانه بالحريات و عدم احترامه للمرأة فمن تسول له نفسه تشويه سمعة امراة فقط لانتمائها لمجموعة تكشف فساده لا يمكن ان يكون في صف الحريات و المساواة و الحداثة . ما نشر بصوته يذكرني بممارسات البوليس السياسي وقت بن علي و لا أرى في الأمر غرابة فهو " بوه الحنين" . 
الفساد نخر البلاد و الدولة و قد حان الأوان لاقتلاعه و لن يحدث ذلك بانتخاب مترشّح ينظّر للفساد و يمارسه و يتفاخر بيه . 
ان لجوء هذا المترشح الى استعمال اساليب بالية استعملها النظام السابق من خلال صندوق 26 26 من تبرعات بسيطة تبدو للحاصلين عليها ككنوز و عرض كل ذلك على قناة تلفزية لمقرف . 
كما أنّ مسالة التعامل مع صهيوني ( و ان لم تتضح جميع معالمها بعد) مدعاة أخرى للقرف . 
كلّ هذه الأمور جعلتني أقرّر الانتخاب فأنا لا أودّ المشاركة في جريمة بحقّ وطني .

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...