vendredi 17 juillet 2009

مقال لصادق بن مهني صدر بجريدة الصباح يوم/07/ 15

هم قلّة جمع بينهم تقديس الحياة وعشق التحدي والوفاء للوطن.

هم قلّة قليلة خبروا المعاناة وعايشوا الخوف والرهبة والجزع طويلا، وطالما ظلّوا معلّقين بين الأمل وبين تلاشي الأمل.

هم قلّة بديعة تحدّوا خوفهم ورهبتهم وجزعهم، وتشّبثوا بالأمل ورسّخوه.

هم قلّة تصدّوا للمرض وللوهن ولشراسة القدر ولشحّ المقدّرات وتحدّوا الموت وشروطه وصنعوا الحياة.

هم مرابطون على ضفاف فاصلة حادّة وجدباء شيّدوا من عزمهم حصونا منيعة وأضاؤوا اللجّة وغالبوا الرياح الشمطاء حتّى أحالوها قوّة طيّبة تدفع مراكب منتصرة.

هم قوم غالبوا الصحارى وفجّروا من صلدها ماء حوّل الموات حيّا يانعا والجدب واحات زاهية.

هم قلّة قليلون ولكّن خيرهم عميم وفضلهم بيّن وأثرهم صباح جديد.

هم أساتذة أطبّاء وأطبّاء وممرّضون وتقنيون وعاملون في قطاع الصحة سخّروا علمهم وجهدهم ووقتهم وذواتهم ليحولوا بين الفناء وبين أطفال وشباب وكهول تكالبت عليهم أنياب القدر.

هم أطفال وشباب وكهول، ذكور وإناث، منّا وإلينا تشبّثوا بالبسمة حين الوجع الجذريّ وانشدّوا إلى الأمل حين العتمة الظلماء ومن بسماتهم وأملهم اجترحوا فرحة كم أحيت وكم أسعدت وكم شملت واحتضنت.

هم فئة من حملة الثوب الأبيض راهنوا على أنّ هذا البلد وإن شحّت إمكاناته قادر على التحدّي وعلى أن يصنع العجب، وفئة أصرّت الأقدار على أن تعطّل من أبدانهم شيئا أو عضوا بدونه لا تستمرّ الحياة.

هم من زارعي الأعضاء ومستفيدون بزرع أعضاء.

عشقوا التحدّي فصنعوا من الضعف قوّة.

وقدّسوا الحياة فأمدّوها.

ولأنهم أوفياء لهذا الوطن أصروا على أن يرفعوا رايته عاليا وفي كلّ مكان، فيسعدوا من بذل وأعطى ومن شدّ الإزر وساند وكل من ضحّى، ويزرعوا الفخر فينا جميعا .

هم فئة من زارعي الأعضاء ومن المستفيدين بزرع أعضاء آلوا على أنفسهم أن يثبتوا هم أيضا للدنيا أنّنا قوم مبدعون مجتهدون خلاّقون.

هم فئة أصرّوا على أن لا يتوقّفوا عند زرع الحياة وأن يمضوا قدما لتكون الحياة أبهى وأحلى وأروع.

وبالكلى والقلوب الجديدة تحدّوا رجفاتهم ورجفات قلوب أحبابهم، ومارسوا الرياضة عدوا وقفزا وسباحة وكرة .

وفي عيونهم كانت وماتزال وستظل تونس :

هم رفعوا علمها عاليا بميداليات ذهبية وفضية وبرونزية أحرزوها من صبرهم خلال منافسات البطولات العالمية لرياضة المستفيدين بزرع الأعضاء في نانسي بفرنسا سنة 2003 ، وفي لندن بالكندا سنة 2005، وفي بانكوك عاصمة تايلاندا سنة 2007، وبطولة الشرق الأوسط في عاصمة الكويت سنة 2007 ، والبطولة الأولى للمغرب العربي بطرابلس ليبيا سنة 2008.

هؤلاء الفئة الخّيرة الجميلة يتهيؤون الآن للبطولة العالمية التي ستجري منافساتها في سيدناي بأستراليا خلال أوت القادم 2009.

ولكن هؤلاء الخيّرين الصابرين الجميلين البديعين يحتاجون للدعم حتّى يمكنهم أن يسافروا ويشاركوا، ويحتاجون للرعاية حتى تتّم مشاركتهم في أحسن الظروف وحتّى لا يسافر منهم إلا نفر أقلّ من عدد أصابع اليد الواحدة.

هؤلاء رفعوا علم بلادنا عاليا. وهم رسموا بعزمهم اسمها على لافتات كثيرة وفي نشريات تنّوعت لغاتها وعلى لوحات ضوئية وشاشات نطقت بها أقمار عديدة.

هؤلاء نظّموا خلال مشاركتهم في منافسات بانكوك بتايلاندا معرضا عن تونس وأهدوا للمشاركين شيئا من إبداعاتها الحرفية وملصقات جدارية تشهر مفاتنها الطبيعية والحضارية.

هؤلاء- لكي يكون عدد المشاركين منهم أرفع ما يمكن ولكي يحظوا بظروف مشاركة تليق بتحدّيهم وصبرهم وبذلهم- يحتاجون دعما أكبر من الجهات الرسمية ويستأهلون حقّا دعم المؤسّسات والأفراد والمستشهرين.

هؤلاء- يحتاجون ويستحقّون رعاية ودعم مركز النهوض بالصادرات وهياكل الترويج والإشهار للسياحة التونسية والهيئات المعنية بالاتصال والإعلام بمختلف أصولها وتفرّعاتها.

فهل من مستجيب ؟

الصادق بن مهني

8-7-2009

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...