كما قلت أعلاه عالجت الدكتورة رجاء بن سلامة مواضيع عديدة فنقدت الهوس و التعصّب الدينيين الذين طغيا على المجتمعات العربية .فتناولت مواضيع كتحجيب النساء و مصادرة الشعراء و الأدباء و اعتبار الأنثى آخرا ناقصا. و تحدّثت عن الدعاة الجدد- أولئك الذين يهتمّون بالحديث عن العبادات و يهملون الشأن العامّ- و أفكارهم التي تسمّم مجتمعاتنا العربيّة و تجرّنا قرونا إلى الوراء إلى عصور الظلمات . فهم لا يتوانون عن تحريض الشعوب العربية على العنف و القتل بدعوى الاستشهاد و مقاومة الغرب الطاغي و لكنّهم يتجاهلون الحديث في مواضيع محرجة متعلّقة بالشأن السياسي حتّى يحظوا برضا حكّامنا العرب.كما طرحت الدكتورة رجاء بن سلامة موضوع الإسلام الديمقراطي و تساءلت إن كان قول القرضاوي بأنّ الديمقراطية هي " بمثابة النظام السياسي الحقيقي في الإسلام" و" اعتراف الغنوشي بجدوى حقوق الإنسان و منظومته كافيين كي نطمئنّ إلى الديمقراطية الإسلامية التي يعدان بها ؟
و انتقدت الدكتورة رجاء المفتي الرسمي ذاك الذي لم يتردّد في إفتاء" تحريم نقل الأعضاء البشرية إلى المرضى "و حمّلته موت العديد من المرضى الذين كان بالإمكان إنقاذهم بمنحهم أعضاء .و رأت تذرّعه بأنّ
"جسد الإنسان هبة من اللّه, ولا يجوز لأيّ كائن من كان التصرّف فيه, سواء بالنقل منه أو إليه" سببا واهيا لا يقبله العقل فكيف يسمح بختان البنات مع أنّ ذلك فيه تصرّف في جسم الإنسان و لا يسمح بعلاج مريض بمنحه عضو إنسان فارق الحياة . بعد ذلك تحدّثت الكاتبة عن أسباب توقيعها البيان المجرّم لفتاوى الإرهاب و وعن اختلاط المفاهيم عند من يهتمّون بالسياسة في الوطن العربي و في القنوات العربية أيضا حيث استوى الجلاّد و الضحيّة. ثمّ ذكّرتنا الدكتورة رجاء ب"دلال" تلك الفتاة الأردنية التي قتلها أخوها بخمس و ستين طعنة ثمّ ذبحها و نكّل بجثتها بدعوى غسل العارو بالممثلة الجزائرية مناد الحاجة التي أحرقها أحوها لتعاطيها فنّ التمثيل و عشرات العراقيات اللّائي قتلن بتهمة الزنا و تعاطي البغاء و غير المحجّبات اللاّئي أحرقت وجوههنّ بماء النار لرفضهنّ ارتداء تلك الخرقة المسمّاة حجابا و غيرهنّ من النساء اللّائي رجمن في بلدان مازالت تطبّق ال"أحكام الجنائية الفقهية القديمة مسميّة إيّاها "الشريعة" و حدّثتنا عن العديد من رائدات الكتابة و الحرية العربيات اللاّئي اختفين عن الساحة الأدبية و عزت سبب اختفائهنّ و لوذهنّ إلى الصمت إلى تعرضهنّ إلى جرائم الشرف.وواصلت الدكتورة رجاء فتحدّثت عن عيد الحبّ و تحليله و تحريمه و عن مصادرة أعمال الأدباء و الرقابة و حتّى تنفيذ حكم الردّة في من كفّر من الكتّاب و الشعراء.
راوحت الدكتورة رجاء بن سلامة في كتابها هذا بين النقد و الاحتجاج الفكري و السياسي تحدّثت عن المسكوت عنه و كشفت حقيقة الفتاوى المنتشرة في العالم العربيّ فبلغة عربيّة بليغة دعتنا الدكتورة رجاء إلى إعمال عقولنا وفكرنا للخروج من الجهل و الظلمات , و دعتنا إلى تسمية الأشياء بأسمائها و الخروج عن صمتنا في ما يتعلّق بقضايا هامّة و حسّاسة كما دعتنا إلى ترك الانتماءات القبليّة العمياء و إلى تحرير القران من الفقه المحيط به و الذي يختزله في مجموعة من الأحكام المحلّلة و المحرّمة . و أدانت الدكتورة رجاء بن سلامة فتاوى الدعاة الجدد من زواج متعة و تحريم للتبرّع بالأعضاء و غيرها من الفتاوى التي يغرقنا بها هؤلاء الد عاة الكرام كلّ يوم , و أحكام الردّة و تكفير المثقّفين و مصادرة أعمال الأدباء و التعصّب الديني و غيرها من مظاهر الجهل التي عمّت وطننا العربيّ.
نحن فعلا في حاجة إلى كتابات ك"نقد الثوابت" فما يروعني اليوم إلاّ مطالبة بعض النساء قي تونس بالتخلّي عن قانون منع تعدّد الزوجات ورفضهنّ للمساواة في الإرث و تسابقهنّ من أجل تغطية رؤوسهنّ بالحجا بو ماسمعت عنه من رغبة في تنفيذ حكم الردّة على بعض المثقّفين التونسيين و غيرها من مظاهر الجهل التي اجتاحت البلاد .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire