تمت دعوتي خلال اليومين الماضيين للمشاركة في ورشة عمل من تنظيم المفوضية السامية لحقوق الانسان للامم المتحدة و مركز الامم المتحدة للاعلام بالقاهرة بعنوان : نحو مناخ تمكيني و آمن للمدافعين و المدافعات عن حقوق الانسان في
المنطقة العربية
و قد دارت النقاشات طوال اليومين حول محاور عدة كضمانات و اليات حقوق المدافعات و المدافعين عن حقوق الانسان و الاعلان المتعلق بحق و مسؤولية الافراد و الجماعات و هيئات المجتمع المدني في تعزيز و حماية حقوق الانسان و الحريات الاساسية المعترف بها عالميا و حقوق المدافعين و المدافعات بين النص و التطبيق في المنطقة العربية و مسؤوليات الاطراف المختلفة في حماية حقوق المدافعين و مسؤوليات الدولة و اصحاب المصلحةو الهيئات الدولية المعنية .
و لعلّ محور القيود و التحديات و المخاطر التي تواجه المدافعات عن حقوق الانسان في المنطقة العربية هو المحور الذي شد انتباهي اكثر من غيره من المحاور فلقد اتيحت لي الفرصة لي أعرف ما تتعرض له الناشطات الحقوقيات في العالم العربي من خلال رواياتهن لتجاربهن الشخصية كما عشنها و لتجارب بنات أو طانهن كما عاينّها مباشرة . و هنا قد تتعالى اصوات قائلة بانّ الناشطين في مجال حقوق الانسان يتعرضون الى انتهاكات و تضييقات خلال ممارستهم لانشطتهم و لكن تبقى الانتهاكات التي تطال النساء خصوصية فهي عادة ما تستهدف الجسد و تبدا من التحرّش الجنسي و تصل حتى الاغتصاب فالقتل و لهاته الانتهاكات تبعات اخرى كالحمل و الاجهاض و امكانية التعرض الى اصابات بامراض منقولة جنسية . كما انّ الناشطات الحقوقيات عادة ما يتعرضن الى حملات تشويهية تطال اعراضهن و تطرق الى تفاصيل حياتهن الشخصية و تعتمد هاته الطريقة حسب قنوات عدة كوسائل الاعلام الرسمية او من خلال الشبكات الاجتماعية و خاصة الفايسبوك الطي وصفته الاستاذة المتدخلة نبيلة حمزة .
و شدد المتدخلون على ضرورة ربط هاته الانتهاكات بطبيعة المجتمعات التي تمارس فيها و بالمناخ العام و يختلف المنتهكون من وضعية الى اخرى فيمكن ان يكون جهاز الدولة هو المنتهك و ذلك من خلال اجهزة الشرطة و الجيش و القضاء كما هو الحال مع فحوصات العذرية التي فرضها الجيش على المعتصمات بميدان التحرير في فترة ما و ما تلاها من حملات تشويهية من خلال نشر نتائج الفحوصات للعلن . كما تمارس الانتهاكات من قبل الميليشات و الجماعات المتطرفة كما كان الحال مع المحامية الليبية الاستاذة المرحومة سلوى بوقعيقيص و التي قتلت و قتل زوجها و خطف ابناؤها و لكنّ الانتهاكات تاتي ايضا من الشارع كما هو الحال في مصر من خلال التحرّش الجنسي الذي عادة ما تتعرّض له النساء الناشطات عند ممارستهن لتحركاتهن من اعتصامات و مظاهرات مثلا
.
و يبقى المشكل الاهم انّ معظم الانتهاكات التي تتعرّض لها المراة تبقى خارج الضوء بسبب ثقافة الصمت و العار فعندما يتعلق الامر بقضايا التحرش الجنسي و الاغتصاب تتفادى الناشطات الخوض في الموضوع لما قد يسببه الامر من تبعات خاصة في المجتمعات الذكورية و القبلية و هذا ما يحد من امكانية توثيق مثل هده الظواهر الخطيرة .
و قد تحدّثت ناشطات عن حالات معيّنة .
ففي اليمن مثلا خرج عبد الله الصالح قائلا انّ الاختلاط في الشارع حرام معرضا بالتالي الناشطات التي شاركن في
اعتصام ميدان التحرير بصنعاء الى الخطر و حاثا الرجال على اخراجهن ّ منه
. في السعودية تتعرّض الناشطات الى ضغوطات مجتمعية و دينية و اخرى عائلية و لتهديدات امنية كالمنع من السفر كما هو الحال مع لجين البدوي شقيقة رائف البدوي كما يتعمّد النظام تقديم عروش مالية مغرية من اجل استمالة النشطاء و بالتالي اخماد اصواتهم اما عن عقوبات السجن و الجلد فحدث و لا حرج . مع ذلك فانّ المجال صار ارحب للدفاع عن حقوق الانسان و ذلك بفضل انتشار ثقافة الانترنات
في البحرين ليست هناك منظمات نسوية مستقلة و تتعرض المدافعات عن حقوق الانسان الى التشويه بصفة مستمرة و عادة ما يفلت منتهكو حقوقهن من العقاب و كثيرا ما تستخدم الطائفية كطريقة لاخماد اصوات الناشطات و الناشطين في مجال حقوق الانسان .
اما في سوريا و العراق فالاوضاع قد باتت معروفة لدى الجميع : اغتصابات اغتيالات و اختطافات . فرزان زيتونة مثلا اختطفت منذ مدة طويلة و لا جديد يذكر في قضية اختطافها و مجموعة من رفاقها ...
و ختاما تمت الاشارة الى انّ عدد المدافعات عن حقوق الانسان يبقى صغيرا مقارنة بالرجال الناشطين في نفس المجال و هو ما يجب السعي الى تغييره من خلال تمكين الناشطات و حمايتهنّ
وقد ختمت الورشة بتقديم توصيات تهدف الى تفعيل النصوص التي تعنى بحماية المدافعات و المدافعين عن حقوق الانسان و السعي الى العمل بها على ارض الواقع .