-- أرهقتني مشاغل الحياة و أتعبتني فلم أستطع أن أرفض دعوة صديقة لي و لحبيبي لقضاء يومين في الجنوب خاصّة و أنّ الوجهة كانت دوز تلك المنطقة الصحراوية الرائعة و التي كانت تعرف بتهافت السياح لزيارتها و للاستمتاع بحرارة طقسها
.و حيث يقطن صديقان لي قلّ أن عرفت ناسا أكثر طيبة و شهامة منهما .و رغم
ذعر امّي عندما علمت بأنّنا سنقطع المسافة ليلا فقد خرجنا بعد غياب الشمس وو صلنا فجرا و قد بهت لهدوء الطريق و عدم تعرّضنا الى أيّ مشكلة رغم ما يروى من وجود لقطّاع طرق و مجرمين ينقضّون على السيارات لسرقة ما يمكن سرقته . و لم تكن المرّة الاولى التي ازور فيها دوز و لكنّني ذهلت لما الت اليه الامور . كانت المنطقة شبه خالية من السيّاح و كانت أغلب النزل مقفرة . و كان حزن عميق يلفّ المكان و يسكن أعين أولئك ال"جمّالة" الذين غاب عنهم الزبائن فعجزوا عن تلبية حاجيات عائلاتهم. حتّى الجمال كانت حزينة .فكثبان الرمال الذهبية و التي عادة ما تكون ملانة بالسياح الذين يركبون الجمال أو يمارسون الرياضات الميكانكية خالية الاّ من بعض الجمال التي ينتظر اصحابها قدوم وفد من الاجانب دون نتيجة . و استغلّيت دعوة
أحد الصديقين المقيمين هناك لزيارة أحد المركّبات السياحية لاسأل صاحبه عن
الوضع خاصّة بعد أن لاحظت أنّ المكان خال من الزبائن . فكانت الاجابة و
اضحة : "نخدمو كان خلّتنا النهضة ". و حيث ذهبنا كانت نفس التعاليق و التصريحات . فالجميع يتألّمون لما ال اليه حال البلاد من فوضى و انتشار للعنف و حتّى للارهاب يسبّب الفزع لمن يرغبون في زيارة أرضنا البديعة فيجعلهم ذلك يعدلون على زيارتها و يدفعهم الى الغاء حجوزاتهم . ففي سوق الصناعات التقليدية أيضا غاب الحرفاء ... و عمّ سكون مخيف مزعج مقلق على المكان . و متحف الصحراء كان مقفرا . فبهت من الامر فتصريحات مسؤولينا تحدّثت عن عودة الامور الى مجاريها فيما يخصّ القطاع السياحي و لكنّ الامور على ارض الواقع كانت مختلفة تماما و كذلك كانت في مدينة الحمامات التي زرتها منذ اسبوعين . فالجميع يتذمّرون و يتاسّفون على ما حلّ بالقطاع السياحي و يعانون بعد ان عجزوا عن توفير لقمة العيش لمن يعيلونهم . و لكنّ الحكومة الموقّرة المؤقتة لا تعير ذلك اهتماما. و استغربت انعدام السياحة الداخلية و لكنّ الاجابة سريعا ما تجسّدت امامي . فعندما هممنا بمغادرة النزل تفطّنا الى وجود عوني امن بزيّ مدنيّ قدما للحصول على بطاقة ارشادتنا بالنزل بعد أن لمحا سيارتي في وسط المدينة وبعد أن قاما بالتثبت من هوية مالكها عن طريق الاعلامية هرعا الى النزل لطلب بطاقة الارشادات . و باستفسارنا عن سبب قدومهما و عن الغاية من استعمال هاته الطريقة الدنيئة لمراقبة الناس كانت الاجابة كلاسيكية جدّا اجابة خلت انّها محيت من قواميس رجال الامن بعد رحيل الغول الاكبر : الغاية من ذلك هي توفير الحماية لكم. فاستنكرنا ذلك أفبالتجسّس على الناس تحمونهم ؟ و هكذا عوض ان يعمل الجميع على تحسين الاوضاع و انقاذ البلاد يخيّر البعض اللجوء الى العنف لترهيب الناس و يواصل البعض الاخر التجسّس و ازعاج راحة الغير منفّرين اياهم من زيارة المناظق التي تتواجد فيها كلتا الفئتين .
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
مجرد رأي
نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...
-
أصبت بمرض مزمن منذ نعومة أظافري فحرمت من ممارسة حياة طبيعية لما تعلق الامر بالتعرض الى أشعة الشمس و ممارسة الرياضة و غيرها من الانشطة ال...
-
“ا غفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية, بعضكم سيقول بذيئة, لا بأس .. أروني موقفا أكثر بذاءة مما نحن فيه” ― مظفر النواب ...
-
و ينطلق الجسد في رقصة محمومة ... ذاك الفستان الأسود يبدو غير لائق بالسهرة فتطلب من صديقة لها غطاء رأس بمسحة تونسية ( فولارة ) لتربطها حول خا...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire