لقد اخترت أن أنشر هذا الجوار على المدونة لما لمسته من صدق و أمانة في نقل المعلومة من قبل الصحفية نورة العثماني
لقاءات المدونة لينا بن مهني لـ«الصحافة»
تتويجا لمقالاتها الجريئة ولجهودها في ايصال صوت الشباب الثائر، تحصلت المدونة لينا بن مهني يوم 20 جوان 2011 في مدينة بون الالمانية على جائزة البوبز التي تمنحها مؤسسة راديو دويتشه فيله لأفضل المدونات في العالم وذلك على هامش فعاليات منتدى الاعلام الدولي...
انها الاستاذة الجامعية في اللغة الانقليزية بكلية 9 أفريل والمدونة التونسية لينا بن مهني التي قهرت المرض الذي لازمها منذ الطفولة وصنعت من عجزها قوة تحدّت بها كل صعاب المنع والحجب لتوصل عبر حاسوبها صور القمع والاضطهاد الى جميع انحاء العالم الى غير ذلك من المواضيع الاجتماعية والسياسية التي خاضتها في مدونتها «بنية تونسية» حتى قبل اندلاع ثورة 14 جانفي.
في الحوار التالي الذي اجريناه معها نتعرف اكثر على هذه الشابة ونتطرق الى عديد المسائل المتعلقة بمسيرتها مع التدوين قبل والثورة وبعدها ولاسيما ردود فعلها حول ما تعرضت له من انتقادات شرسة على صفحات الفايس بوك.
قبل ان نخوض في تجربتك مع التدوين، كيف تقدمين لينا بن مهني الانسانة الى القراء؟
انا مواطنة تونسية قبل كل شيء، تمسكت بمبادئي التي رباني عليها والدي منذ صغري، لقد لازمت المستشفيات منذ كنت ابنة احدى عشرة سنة فلم يدعني مرضي اعيش طفولتي كباقي اترابي، لقد عرفت طعم الحرمان في تلك السن المبكرة، نعم حرمت من البحر ومن الشمس ومن حياة طبيعية ألعب فيها وأمرح مثل غيري ورغم ذلك لم يمنعني مرضي من الاقبال على الحياة بل انه علمني الصبر وحب الاخرين، لقد عشت الامي ورأيت الناس يتألمون امامي مما ساهم في صقل شخصيتي وعمّق يقيني في الوجود وضرورة مواصلة الكفاح،ولعل عودتي الحقيقية الى الحياة كانت بعد تبرّع امي لي بإحدى كليتيها سنة 2007.
بعد التجارب المريرة مع المرض، كيف انطلقت مسيرتك مع التدوين؟
اكتشافي لعالم التدوين كان عن طريق الصدفة سنة 2007 عندما كنت اتابع احدى المجلات الاجنبية وشيئا فشيئا بدأت اتعرف على المدونين في تونس عبر صفحات الفايس بوك وخضت التجربة الفعلية سنة 2008 ابان احداث الحوض المنجمي عندما انضممت الى مدوّنة جماعية اسمها «من اجل قفصة» التي تم حجبها عديد المرات وانضممت ايضا الى مدونة اخرى جماعية «ضد الحجب في تونس» الى ان شاركت سفيان الشورابي في مدونة ثنائية «فردة ولقات اختها» باللغة الدارجة تناولنا فيها مشاكل المجتمع بطريقة هزلية بإعتماد الصور والفيديو.
وفي شهر اوت من نفس السنة 2008 سافرت الى الولايات المتحدة الامريكية لمدة تسعة اشهر لتدريس اللغة العربية في جامعة تافتس بمدينة بوسطن وذلك في اطار منحة فول برايت، لكن بعد وصولي بأسبوعين تم حجب «فردة ولقات اختها» لأنني تحدثت فيها عن وفاة احد مساجين الحوض المنجمي فكانت ردة فعلي ان كتبت مقالا ضد الحجب وقع نشره في «أصوات عالمية» ومنذ ذلك الوقت أصبحت اكتب ضمن هذه المدونة.
حدّثينا عن حياتك ونشاطاتك قبل الثورة؟
لقد صادف رجوعي من امريكا الى تونس سنة 2009-2008 وقوع تلك الهجمة الاسرائيلية الشرسة على غزة مما غذى في داخلي الحماس لمساندة اهاليها عبر مشاركتي في المسيرات والوقفات الاحتجاجية،اضافة الى ذلك قمت بتحقيق حول ازمة «البراطيل» صحبة سفيان الشورابي كما ساندت بحملة على مدونتي الطلبة الذين دخلوا في اضراب جوع لمدة شهرين اثر طردهم واتصلت لأجل ذلك بالفنانة امال المثلوثي التي أقامت سهرة تضامنية لدعمهم، فهذه الفنانة كثيرا ما ألجأ الى اغانيها لأوظفها في التعبير على عديد القضايا كما قمت بحملة مساندة لصديقتي المدونة فاطمة الرياحي «أرابيكا» اضافة الى الحملات التي كنا نشنها ضد حجب المواقع والمدونات.
ما نوع التضييقات التي تعرّضت لها؟
أكثر التضييقات التي تعرّضت لها وباقي المدونين هي موجة حجب المواقع على الانترنات، لعل ابرزها ما وقع خلال شهر افريل سنة 2010 مما جعلني وزملائي المدوّنين نقرر شن مظاهرة سلمية تحت شعار «نهار على عمار» في 22 ماي 2010 لكننا لم ننجح في انجازها لأن البوليس السياسي جاء الى منزلي واخذ جميع وسائل وأدوات عملي كما انهم قبل موعد الوقفة بيوم احتجزوا زميليّ ياسين عياري وسليم عمامو واجبروهما على التصريح على النات بعدم تنظيم هذه المسيرة ولكن رغم محاولات الاعتداء بالعنف حققنا خطوة أعتبرها هامة عندما خرج الكثيرون من برج النات الى ارض الواقع مندّدين بحملات الحجب.
ومن التضييقات ايضا انهم اوقفوا دفع راتبي دون وجه حق وملازمة البوليس السياسي لي من خلال مراقبة منزلي وتحركات افراد عائلتي.
هل عشت الاحداث الدامية للثورة أم أنك لازمت عالم النات لمجرد المراقبة والتعليق؟
عندما اندلعت الثورة داخل الجمهورية كنت في العاصمة اتابع ما يجري على الفايس بوك مع صديقتي المحامية ليلى بن دبّة وتقوم بنشر الاخبار اولا بأول الى تاريخ 24 ديسمبر حينما جاءنا نداء لتنظيم مظاهرة ، انطلقت باعداد قليلة من ساحة محمد علي نجحنا خلالها في كسر ثلاثة حواجز بوليسية فكنت في ذات الوقت اتظاهر واقوم بالتغطية الاعلامية كما شاركت في تحركات المحامين وتدريجيا اصبحت أراسل قناتي «الجزيرة» و«فرانس 24» وأمدهما بكل الاخبار ولعل اكثر ما أثر في هو ذلك الحوار الذي شاركت فيه الى جانب المعارض المقيم في فرنسا توفيق المثلوثي والسيدة العقربي في قناة «فرانس 24» فكانت هذه الاخيرة تتحدث عن فضائل بن علي وكنت في المقابل اتحدث عن تطورات الوضع في بلادي عبر «السكايب» فأنتابتها حالة هستيرية وهددتني في نهاية المطاف.
ولانه لم يكن لدي الامكانيات فقد تمكنت بفضل الفريق التلفزي «ت-ف- 1» من مرافقته الى سيدي بوزيد والرقاب ونقلت صور الجرحى والشهداء واجريت حوارات مع اهاليهم وفي اليوم الموالي ذهبنا الى القصرين حيث رأيت بأم عيني «القناصة» بزي اسود يرابضون فوق اسطح منطقة الشرطة موجهين اسلحتهم للمحامين اثناء وقفتهم الاحتجاجية ولأن الوضع لم يعد امنا رجعت صحبة الفريق الى تونس.
حققت الكثير في مسيرتك وانت لا تزالين في سن الشباب خاصة مشاركاتك العالمية المختلفة فما سرّ ذلك؟
السر هو انني لم اغير مبادئي التي تربيت عليها ، ولأنني عملت بصدق، فعندما اكتب ، اكتب ما يمليه علي قلبي باحساس وتفان في حب الاخرين، حتى انه بعكس الاتهامات لم ارشح نفسي يوما لأي جائزة وحصولي على «البوبز» لا أعلم من رشحني اليه حتى يومنا هذا.
وصفتك الصحافة الألمانية بصوت الثورة الشجاع وبمدونة الحرية، فما تعليقك؟
انا ضد كل التسميات ، اعترف بواحد فقط هو انني مدونة،كما انه لست انا من قام بالثورة، لقد قام بها الناس الذين خرجوا الى الشارع والشهداء الذين قدموا دماءهم الطاهرة لأننا نحن المدونون ساندناهم فقط في تحركاتهم وأبلغنا اصواتهم إلى خارج الحدود وكسرنا حاجز التعتيم.. هذه التسميات مع الأسف ازعجتني وجلبت لي مشاكل لاحصر لها.
انضممت واستقلت بسريّة من هيئة اصلاح الاعلام؟!
استقلت لأنني تعبت من مهاجمة الصحافيين لي، لقد نصبوا لي محاكمات دون ان يعرفوني جيدا. قالوا أنني منتفعة من هذا الانضمام واسافر على حساب الهيئة لذلك انسحبت، ايضا احسست بأنني مقيدة صلب هذه الهيئة وهو ما يتناقض وطبيعة عملي كمدونة تعوّدت على حرية التعبير.شعرت ايضا ان الحكومة لا تأخذ برأي الهيئة مأخذ الجد.
من أسماء المدونين ترينهم أجدر بجائزة دويتشه فيلم؟
هم كثر لقد فتحت عيني في عالم التدوين على عديد الأسماء لا أنكر فضلهم في دعم مسيرتي منهم فاطمة أرابيكا ونورمان لاند ومنية الغرياني (ولاّدة)... وسامي بن غربية وغيرهم...
والدك مدوّن مثلك فكيف تبدو العلاقة بينكما؟
والدي أعتبره «رجل حياتي» وقدوتي ومثلي الذي علّمني كيف أسير في دروب الحياة، أتت فترات ابتعدنا عن بعضنا بسبب انتقاداته لعالم النات الا أنّه عندما فهم أهدافنا النبيلة سارع وساندني في تجربتي. لقد التقيته يوم 13 جانفي في ذلك الحشد الكبير أمام مقرّ الداخلية فوجدت لديه أمل كبير في التغيير فقفزت الى مخيلتي ذكريات عذاباته التي طالما حدثني عنها واعتقاله على مقربة من ذلك المكان.
تمّت مهاجمتك على «الفايس بوك» لأنّك لا تملكين من النضال سوى الارتماء في أحضان الغرب ومعاداة الدين والهوية؟
هذا شيء مضحك، أنا لم أدّع يوما أنني من أبطال الثورة،أؤمن بشيء واحد هو «الانسانية» فنحن بشر قبل اعتبارات الدين والمعتقد.
لذلك فمن قال أنني ارتمي في احضان الغرب عليه ان يدرك انني وحدي من صنعت نفسي وأنني شديدة الرفض للدعوات وللتعامل مع الحكومات الاجنبية الا ما كان في اطار نشاط حقوقي. كما ان سفري الى الخارج كان بدافع تنمية قدراتي في اللغة الانقليزية لا أكثر.
ولمن قال أنني عدوّة الدين أقول له أنا مسلمة وعلمانية وللتوضيح فالعلمانية ليست ديانة انما هي الفصل بين الدين والسلطة لمن لا يعرف ذلك وأنا أؤمن بحرية المعتقد وافتخر بجذوري التونسية البربرية.
كيف تنظرين الى المرحلة القادمة...؟
دعيني أقول أنّ ما نعيشه الآن من أوضاع غير مستقرّة هو حالة غليان عادية بعد 23 سنة من القمع حتى ان حالات الفلتان الأمني هي بدورها طبيعية وذلك ما يؤكده تاريخ الثورات.
أمّا بخصوص المستقبل أرى ان الانتخابات ستكون محطة هامة لنقرّر مصيرنا بأنفسنا لا سيما اذا كانت شفافة، فرحيل بن علي هو نقطة بداية في الثورة ولا يكتمل نجاحها الا اذا تخلصنا من الممارسات القديمة التي من الأسف مازالت موجودة وخير دليل على ذلك سفر المدعوة سيدة العقربي والافراج عن البشير التكاري الى غير ذلك من الاخلالات التي أرى أنها ستضعنا في الطريق غير الصحيح.
لقد آن الأوان ان يراجع كلّ واحد منّا نفسه ويحاسبها ومن ارتكب خطأ فلا بأس ان يعتذر للتونسيين.
بماذا تنشغلين هذه الأيام؟
أنا متفرّغة تماما للتدوين والمشاركة في الملتقيات داخل تونس وخارجها ومتابعة الأحداث الثقافية لأن الثقافة مهمة جدّا لانجاح اي ثورة. كما أقدم برنامجا بعنوان «شبكة نات» في راديو «كلمة».
بمناسبة متابعاتك الثقافية كيف ترين المشهد الثقافي بعد الثورة؟
مسرورة جدا لما تحقق من انفتاح في المجال الثقافي لأن المبدعين الذين لم يتسنّ لهم المجال سابقا للبروز اصبحت الفرص امامهم سانحة لإظهار مواهبهم، لقد رأينا خلال الثورة اشكالا فنية مختلفة وتعابير ابداعية جديدة ساهمت في تنشيط الحراك الثقافي.
انها الاستاذة الجامعية في اللغة الانقليزية بكلية 9 أفريل والمدونة التونسية لينا بن مهني التي قهرت المرض الذي لازمها منذ الطفولة وصنعت من عجزها قوة تحدّت بها كل صعاب المنع والحجب لتوصل عبر حاسوبها صور القمع والاضطهاد الى جميع انحاء العالم الى غير ذلك من المواضيع الاجتماعية والسياسية التي خاضتها في مدونتها «بنية تونسية» حتى قبل اندلاع ثورة 14 جانفي.
في الحوار التالي الذي اجريناه معها نتعرف اكثر على هذه الشابة ونتطرق الى عديد المسائل المتعلقة بمسيرتها مع التدوين قبل والثورة وبعدها ولاسيما ردود فعلها حول ما تعرضت له من انتقادات شرسة على صفحات الفايس بوك.
قبل ان نخوض في تجربتك مع التدوين، كيف تقدمين لينا بن مهني الانسانة الى القراء؟
انا مواطنة تونسية قبل كل شيء، تمسكت بمبادئي التي رباني عليها والدي منذ صغري، لقد لازمت المستشفيات منذ كنت ابنة احدى عشرة سنة فلم يدعني مرضي اعيش طفولتي كباقي اترابي، لقد عرفت طعم الحرمان في تلك السن المبكرة، نعم حرمت من البحر ومن الشمس ومن حياة طبيعية ألعب فيها وأمرح مثل غيري ورغم ذلك لم يمنعني مرضي من الاقبال على الحياة بل انه علمني الصبر وحب الاخرين، لقد عشت الامي ورأيت الناس يتألمون امامي مما ساهم في صقل شخصيتي وعمّق يقيني في الوجود وضرورة مواصلة الكفاح،ولعل عودتي الحقيقية الى الحياة كانت بعد تبرّع امي لي بإحدى كليتيها سنة 2007.
بعد التجارب المريرة مع المرض، كيف انطلقت مسيرتك مع التدوين؟
اكتشافي لعالم التدوين كان عن طريق الصدفة سنة 2007 عندما كنت اتابع احدى المجلات الاجنبية وشيئا فشيئا بدأت اتعرف على المدونين في تونس عبر صفحات الفايس بوك وخضت التجربة الفعلية سنة 2008 ابان احداث الحوض المنجمي عندما انضممت الى مدوّنة جماعية اسمها «من اجل قفصة» التي تم حجبها عديد المرات وانضممت ايضا الى مدونة اخرى جماعية «ضد الحجب في تونس» الى ان شاركت سفيان الشورابي في مدونة ثنائية «فردة ولقات اختها» باللغة الدارجة تناولنا فيها مشاكل المجتمع بطريقة هزلية بإعتماد الصور والفيديو.
وفي شهر اوت من نفس السنة 2008 سافرت الى الولايات المتحدة الامريكية لمدة تسعة اشهر لتدريس اللغة العربية في جامعة تافتس بمدينة بوسطن وذلك في اطار منحة فول برايت، لكن بعد وصولي بأسبوعين تم حجب «فردة ولقات اختها» لأنني تحدثت فيها عن وفاة احد مساجين الحوض المنجمي فكانت ردة فعلي ان كتبت مقالا ضد الحجب وقع نشره في «أصوات عالمية» ومنذ ذلك الوقت أصبحت اكتب ضمن هذه المدونة.
حدّثينا عن حياتك ونشاطاتك قبل الثورة؟
لقد صادف رجوعي من امريكا الى تونس سنة 2009-2008 وقوع تلك الهجمة الاسرائيلية الشرسة على غزة مما غذى في داخلي الحماس لمساندة اهاليها عبر مشاركتي في المسيرات والوقفات الاحتجاجية،اضافة الى ذلك قمت بتحقيق حول ازمة «البراطيل» صحبة سفيان الشورابي كما ساندت بحملة على مدونتي الطلبة الذين دخلوا في اضراب جوع لمدة شهرين اثر طردهم واتصلت لأجل ذلك بالفنانة امال المثلوثي التي أقامت سهرة تضامنية لدعمهم، فهذه الفنانة كثيرا ما ألجأ الى اغانيها لأوظفها في التعبير على عديد القضايا كما قمت بحملة مساندة لصديقتي المدونة فاطمة الرياحي «أرابيكا» اضافة الى الحملات التي كنا نشنها ضد حجب المواقع والمدونات.
ما نوع التضييقات التي تعرّضت لها؟
أكثر التضييقات التي تعرّضت لها وباقي المدونين هي موجة حجب المواقع على الانترنات، لعل ابرزها ما وقع خلال شهر افريل سنة 2010 مما جعلني وزملائي المدوّنين نقرر شن مظاهرة سلمية تحت شعار «نهار على عمار» في 22 ماي 2010 لكننا لم ننجح في انجازها لأن البوليس السياسي جاء الى منزلي واخذ جميع وسائل وأدوات عملي كما انهم قبل موعد الوقفة بيوم احتجزوا زميليّ ياسين عياري وسليم عمامو واجبروهما على التصريح على النات بعدم تنظيم هذه المسيرة ولكن رغم محاولات الاعتداء بالعنف حققنا خطوة أعتبرها هامة عندما خرج الكثيرون من برج النات الى ارض الواقع مندّدين بحملات الحجب.
ومن التضييقات ايضا انهم اوقفوا دفع راتبي دون وجه حق وملازمة البوليس السياسي لي من خلال مراقبة منزلي وتحركات افراد عائلتي.
هل عشت الاحداث الدامية للثورة أم أنك لازمت عالم النات لمجرد المراقبة والتعليق؟
عندما اندلعت الثورة داخل الجمهورية كنت في العاصمة اتابع ما يجري على الفايس بوك مع صديقتي المحامية ليلى بن دبّة وتقوم بنشر الاخبار اولا بأول الى تاريخ 24 ديسمبر حينما جاءنا نداء لتنظيم مظاهرة ، انطلقت باعداد قليلة من ساحة محمد علي نجحنا خلالها في كسر ثلاثة حواجز بوليسية فكنت في ذات الوقت اتظاهر واقوم بالتغطية الاعلامية كما شاركت في تحركات المحامين وتدريجيا اصبحت أراسل قناتي «الجزيرة» و«فرانس 24» وأمدهما بكل الاخبار ولعل اكثر ما أثر في هو ذلك الحوار الذي شاركت فيه الى جانب المعارض المقيم في فرنسا توفيق المثلوثي والسيدة العقربي في قناة «فرانس 24» فكانت هذه الاخيرة تتحدث عن فضائل بن علي وكنت في المقابل اتحدث عن تطورات الوضع في بلادي عبر «السكايب» فأنتابتها حالة هستيرية وهددتني في نهاية المطاف.
ولانه لم يكن لدي الامكانيات فقد تمكنت بفضل الفريق التلفزي «ت-ف- 1» من مرافقته الى سيدي بوزيد والرقاب ونقلت صور الجرحى والشهداء واجريت حوارات مع اهاليهم وفي اليوم الموالي ذهبنا الى القصرين حيث رأيت بأم عيني «القناصة» بزي اسود يرابضون فوق اسطح منطقة الشرطة موجهين اسلحتهم للمحامين اثناء وقفتهم الاحتجاجية ولأن الوضع لم يعد امنا رجعت صحبة الفريق الى تونس.
حققت الكثير في مسيرتك وانت لا تزالين في سن الشباب خاصة مشاركاتك العالمية المختلفة فما سرّ ذلك؟
السر هو انني لم اغير مبادئي التي تربيت عليها ، ولأنني عملت بصدق، فعندما اكتب ، اكتب ما يمليه علي قلبي باحساس وتفان في حب الاخرين، حتى انه بعكس الاتهامات لم ارشح نفسي يوما لأي جائزة وحصولي على «البوبز» لا أعلم من رشحني اليه حتى يومنا هذا.
وصفتك الصحافة الألمانية بصوت الثورة الشجاع وبمدونة الحرية، فما تعليقك؟
انا ضد كل التسميات ، اعترف بواحد فقط هو انني مدونة،كما انه لست انا من قام بالثورة، لقد قام بها الناس الذين خرجوا الى الشارع والشهداء الذين قدموا دماءهم الطاهرة لأننا نحن المدونون ساندناهم فقط في تحركاتهم وأبلغنا اصواتهم إلى خارج الحدود وكسرنا حاجز التعتيم.. هذه التسميات مع الأسف ازعجتني وجلبت لي مشاكل لاحصر لها.
انضممت واستقلت بسريّة من هيئة اصلاح الاعلام؟!
استقلت لأنني تعبت من مهاجمة الصحافيين لي، لقد نصبوا لي محاكمات دون ان يعرفوني جيدا. قالوا أنني منتفعة من هذا الانضمام واسافر على حساب الهيئة لذلك انسحبت، ايضا احسست بأنني مقيدة صلب هذه الهيئة وهو ما يتناقض وطبيعة عملي كمدونة تعوّدت على حرية التعبير.شعرت ايضا ان الحكومة لا تأخذ برأي الهيئة مأخذ الجد.
من أسماء المدونين ترينهم أجدر بجائزة دويتشه فيلم؟
هم كثر لقد فتحت عيني في عالم التدوين على عديد الأسماء لا أنكر فضلهم في دعم مسيرتي منهم فاطمة أرابيكا ونورمان لاند ومنية الغرياني (ولاّدة)... وسامي بن غربية وغيرهم...
والدك مدوّن مثلك فكيف تبدو العلاقة بينكما؟
والدي أعتبره «رجل حياتي» وقدوتي ومثلي الذي علّمني كيف أسير في دروب الحياة، أتت فترات ابتعدنا عن بعضنا بسبب انتقاداته لعالم النات الا أنّه عندما فهم أهدافنا النبيلة سارع وساندني في تجربتي. لقد التقيته يوم 13 جانفي في ذلك الحشد الكبير أمام مقرّ الداخلية فوجدت لديه أمل كبير في التغيير فقفزت الى مخيلتي ذكريات عذاباته التي طالما حدثني عنها واعتقاله على مقربة من ذلك المكان.
تمّت مهاجمتك على «الفايس بوك» لأنّك لا تملكين من النضال سوى الارتماء في أحضان الغرب ومعاداة الدين والهوية؟
هذا شيء مضحك، أنا لم أدّع يوما أنني من أبطال الثورة،أؤمن بشيء واحد هو «الانسانية» فنحن بشر قبل اعتبارات الدين والمعتقد.
لذلك فمن قال أنني ارتمي في احضان الغرب عليه ان يدرك انني وحدي من صنعت نفسي وأنني شديدة الرفض للدعوات وللتعامل مع الحكومات الاجنبية الا ما كان في اطار نشاط حقوقي. كما ان سفري الى الخارج كان بدافع تنمية قدراتي في اللغة الانقليزية لا أكثر.
ولمن قال أنني عدوّة الدين أقول له أنا مسلمة وعلمانية وللتوضيح فالعلمانية ليست ديانة انما هي الفصل بين الدين والسلطة لمن لا يعرف ذلك وأنا أؤمن بحرية المعتقد وافتخر بجذوري التونسية البربرية.
كيف تنظرين الى المرحلة القادمة...؟
دعيني أقول أنّ ما نعيشه الآن من أوضاع غير مستقرّة هو حالة غليان عادية بعد 23 سنة من القمع حتى ان حالات الفلتان الأمني هي بدورها طبيعية وذلك ما يؤكده تاريخ الثورات.
أمّا بخصوص المستقبل أرى ان الانتخابات ستكون محطة هامة لنقرّر مصيرنا بأنفسنا لا سيما اذا كانت شفافة، فرحيل بن علي هو نقطة بداية في الثورة ولا يكتمل نجاحها الا اذا تخلصنا من الممارسات القديمة التي من الأسف مازالت موجودة وخير دليل على ذلك سفر المدعوة سيدة العقربي والافراج عن البشير التكاري الى غير ذلك من الاخلالات التي أرى أنها ستضعنا في الطريق غير الصحيح.
لقد آن الأوان ان يراجع كلّ واحد منّا نفسه ويحاسبها ومن ارتكب خطأ فلا بأس ان يعتذر للتونسيين.
بماذا تنشغلين هذه الأيام؟
أنا متفرّغة تماما للتدوين والمشاركة في الملتقيات داخل تونس وخارجها ومتابعة الأحداث الثقافية لأن الثقافة مهمة جدّا لانجاح اي ثورة. كما أقدم برنامجا بعنوان «شبكة نات» في راديو «كلمة».
بمناسبة متابعاتك الثقافية كيف ترين المشهد الثقافي بعد الثورة؟
مسرورة جدا لما تحقق من انفتاح في المجال الثقافي لأن المبدعين الذين لم يتسنّ لهم المجال سابقا للبروز اصبحت الفرص امامهم سانحة لإظهار مواهبهم، لقد رأينا خلال الثورة اشكالا فنية مختلفة وتعابير ابداعية جديدة ساهمت في تنشيط الحراك الثقافي.
تحياتي لينا على المدونة والنشاط..مبروك لكم ثورتكم المباركة التي كان لكل شريف منكم دوره في مسيرتها
RépondreSupprimerإبراهيم فرغلي
كاتب روائي وصحفي