لقد دأبت خلال السنوات الاخيرة لحكم الدكتاتور بن علي على كتابة بعض السطور التي أصف فيها احتفالات السابع من نوفمبرو الاستعداد لها كلّما قرب التاريخ المشهود و ذلك على طريقتي الخاصة و ها أنا أجد نفسي للسنة الثانية على التوالي بعد رحيله مجبرة على الكتابة فيما يخصّ الاحتفالات بالثورة بنفس الطريقة فهاهو التاريخ يعيد نفسه في صورة أبشع . و قد كاد ذلك أن يكلّفني الضرب المبرح السنة الفارطة نعم نعم ففي تونس الثورة يتنقّل شباب الثورة من سيدي بوزيد الى الرقاب ليثأروا منّي بعد أن كتبت مقالا على مدوّنتي اسمه :"سيدي بوزيد بعد عام الفرحة الحزينة" دوّنت فيه مشاعري بعد ما رأيته من احتفالات فلكلورية على الطريقة النوفمبرية . نعم هبّ الابطال ليوسعوني ضربا و ليثبتوا رجولتهم و شهامتهم بالاعتداء على حريتي في التعبيرو على جسدي المنهك المريض . نعم كتبت و أكتب عن أيّ احتفالات تتحدّثون؟ تلك التي تقرع فيها الطبول و ينتشر فيها المهرّجون و تنشر لافتات الحزب الحاكم في كلّ مكان و يلبس الاطفال الملابس التقليدية و يستقبلون الرئيس في برنسه ذاك الرئيس الذي يهوى الخرجات وسط الجماهير المصفّقة المطبّلة و المنافقة
تلك الاحتفالات التي تطلق فيها الشماريخ احتفالا بتعمّق المشاكل و يرقص فيها أصحاب السلطة على أجساد الكادحين و المهمّشين و البطّالين و المفقّرين و المعطّلين . فويحكم بماذا احتفلتم و بماذا تحتفلون؟ أبخراب البلاد و بتحوّلها الى غابة بلا سلطة و لا قوانين تسعدون؟ أ بغلاء المعيشة و يعجز الناس على تلبية أبسط حاجياتهم الاساسية تسعدون؟ أعلى أجساد الجرحى و الجرحى ترقصون؟
انظروا الى تونس المغتصبة المسبية ألا تبصرون عيونها الدامعة الحزينة ألا ترون أنّنا الى الوراء سائرون؟ تونس حزينة , تونس تصرخ تستغيث و تبكي و تتألّم . تونس تنادي أبناءها لعلّهم يعقلون و من سباتهم العميق يستفيقون.انظروا تونس و قد غطّاها الغبار و انقطع تيّارها الكهربائي وانتشرت فيها الأوساخ . انظروا الى اولئك الاطفال و المشرّدين الذين الارض يفترشون و بالنجوم يتغطّون . انظروا الى ذلك العاطل عن العمل الذي واجه الرصاص بصدره العاري و الى اليوم لازال يقاسي . انظروا الى تلك المراة التي تسلّقت حائط وزارة الداخلية حالمة بحقّها في المساواة التامّة فصارت تنعت بالعورة و بناقصة العقل و الدين . انظروا الى تلك الامّ التي ضحّت بابنها و هي تتالّم لرؤية قاتله حرّا طليقا. و لا تنسوا من امتصّوا دماءنا لسنين و سنين فهاهم أحرار طليقين بعد أن حجّوا الى كعبة مونبليزير و تطهّروا من ذنوبهم بمباركة الشيخ الذي هلّ علينا من بريطانيا بابتسامته الصفراء . فعن أيّ عدالة انتقالية تتحدّثون و بماذا تحتفلون؟
أ بتواصل عنف الشرطة أو بعنف غلاة الدين و تجّاره ؟أبتراجع الاقتصاد أم بتردّي أوضاع البلاد؟أبضرب الأدباء أم بالاعتداء على الفنانين و الرسامين و المسرحيين و السنمائيين؟
أبأبنائنا الذين يلقون أنفسهم وسط الامواج العاتية بعد أن تبخّرت أحلامهم أم باولئك الذين يموتون في السجون ؟
احتفلوا و امرحوا و عانقوا الازرق بعد أن عانقتم البنفسجي . صفّقوا و لا تكثروا حتى لا تغطّي البالونات أياديكم افرحوا باغتصاب وطنكم و باستعمار جديد و لكن تذكّروا أنّ التاريخ لم يرحم و لن يرحم .
الاحد 16 ديسمبر 2012
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire