samedi 23 janvier 2010

بغداد تحترق

.

بغداد تحترق: مدوّنة فتاة من العراق, كتاب قرأته فشدّني. لكنّني أريد أن أبدأ بتعريف عبارة مدوّنة قبل الغوص في و الحديث عن الكتاب . فمن خلال حديثي مع بعض الناس عرفت أنّ هذه العبارة مازالت غير معروفة.مدوّنة هي الترجمة المستعملة و المتعارف عليها للكلمة الانجليزية BLOGو المتكوّنة أصليا من كلمتين:WEB و LOG و التي تترجم إلى العربية بسجل الشبكة و هذا المصطلح صاغه جورن بارجر في ديسمبر 1997 قبل أن يحوّله بيتر ميرهولز إلى جملة "BLOG WE" في سنة 1999 . و بعد مدّة قصيرة استعمل ايفان ويليامز كلمة BLOG كاسم و فعل على حدّ السواء.و ابتكر أيضا مصطلح مدوّن مع كسرة تحت الواو و هو صاحب المدوّنة . و المدوّنة عبارة عن موقع الكتروني عادة ما يكون شخصيا يمكن أن تدخل فيه نصوص, و فيديوهات و صور حول حدث معيّن أو خواطر مرّت بذهنك. و يمكن أيضا أن تستقبل فيه تعاليق و تكون المدخلات مرتّبة ترتيبا تصاعديا. و تختلف المدوّنات فبعضها توّفر العديد من الأخبار و التعليقات حول أحداث معيّنة و بعضها الآخر تستعمل كيوميات شخصية على الانترنت. و كانت بدايا ت المدوّنات بطيئة و محتشمة لتكتسب بعد ذلك شعبية كبيرة و ذلك في أواخر سنة 1999و بحلول سنة2004 ازداد استخدام المدوّنات و صارت تستخدم في خدمات الأنباء و في الاستشارات السياسية

و كتاب بغداد تحترق هو عبارة عن مجموعة تدوينات لفتاة عراقية خلال فترة الحرب فأوّل تدويناتها بدأت في شهر أوت 2003أي بعد 5أشهر من اندلاع الحرب في العراق (20مارس2003). و هاته الفتاة العراقية مجهولة الهوية و بقيت تكتب لمدّة سنة وتنقل و قائع الحرب بصفة واقعية و كما عاشها الشعب العراقي. كلّ مانعرفه عنها من خلال ما كتبت هو أنّها في العشرينات من عمرها و أنّها تنتمي إلى الطبقة المتوّسطة و أنّها كانت تعمل في مهنة في ميدان المعلوماتية قبل اندلاع الحرب . المدوّنة كتبت بلغة انجليزية ممتازة تغلب عليها السخرية والمدخلات الجديدة على المدوّنة تكون أحيانا يومية و أحيانا أخرى أسبوعيا و تفسّر المدوّنة ذلك بعوامل مختلفة أهمّها توّفر التيّار الكهربائي أو غيابه . ما يجعل هذا الكتاب مشوّقا هو نقله للأخبار بصفة مختلفة عمّا تنقله لنا وسائل الإعلام العادية . فريفر باند كما اختارت المدوّنة أن تسمّي نفسها ترى أنّ الحرب ليست القتالات و التفجيرات التي تتناقلها و سائل الإعلام بل هي شيء معاش في كلّ يوم و في كلّ لحطة و في كلّ مكان . فهي في أحيان تنقل لنا وقائع انفجار عايشته و أخاها من على سقف بيت عائلاتها البغدادي و تعلّق عليه مبرزة تمييزها لمختلف الأسلحة و الصواريخ المستعملة من خلال دويّها فقط . و في أحيان أحرى تطالعنا بتحليل نقديّ دقيق عن خطاب أحد وزراء العراق أو أحد المسؤولين الأمريكيين , نقد دقيق عادة ما نجد فيه سخرية تشدّنا إلى قراءته و الإمعان في معانيه المختلفة. هي تحدّثنا أحيانا عن جنازة جار لعائلاتها ,اختفى لمدّة أشهر ليتمّ العثور على جثته بعد أشهر محترقة داخل سيارته على بعد كيلومترات من بغداد أو رحلة طويلة في محاولة لدفن خالة وافاها الأجل المحتوم , رحلة طويلة لامتلاء الجوامع و كثرة الجنائز . هي تفاجئنا أحيانا بوصفة لبعض الحلويات العراقية و هي تنقل لنا الأجواء الرمضانية لعائلة تعيش تحت الحصار عرضة للصواريخ المنفجرة هنا و هناك في أرجاء بغداد. هي تحدّثنا عن العودة المدرسية لتنقل لنا ما تتعرّض له المعلّمات و النساء العاملات من أخطار مثل الاغتصاب و القتل و الذبح وما صارت عليه حالة المدارس و المعاهد و الجامعات حيث طالها التخريب و شملها النهب. نجد في المدوّنة تفاصيل عن الحياة اليومية , عن مشقّة الحصول على المياه و كيفية تقسيمها و عن الفرحة لرجوع التيار الكهربائي بعد انقطاع طويل و عن المعاملات مع الأجوار و الأقاربو عن عذاب المرور عبر نقط التفتيش المنتشرة في أنحاء البلاد و عن الهلع و الفزع لسماع تفجير لا يبعد إلاّ بعض الأمتار عن بيت عائلتها الصغيرة .

حالما تبدأ في قراءة الكتاب تصبح حرب" ريفرباند" حربك فتعيش تفاصيلها و ترى الأشياء من خلال عينيها و تحليلها للأشياء.فتسافر معها و تفرح لرجوع التيار الكهربائي و يعتريك الحزن لوفاة قريب لها و الخوف لانفجار صاروخ قرب منزلها . تشدّك التفاصيل التي يعجز أيّ صحافيّ محترف عن نقلها بتلك الطريقة و تسحرك طريقة كتابتها فلا تترك الكتاب حتى تكمله.

ملاحظة: في الأصل هذا النص لم يكتب للمدوّنة و لكن بعد مدّة قرّرت نشره, كما أنّني سبق و كتبت عن هذا الكتاب باللغة الفرنسية قبل أن أقوم بتدمير كلّ محتويات المدوّنة في لحظة غضب و يأس و ألم

1 commentaire:

  1. الكتاب حلو , و الأكثر هو الوصف , و جودة العبرات المنتقات
    كنت منذ مدة على صلة بأحد الأصدقاء من العراق , و كان يروي لي أشياء شدتني اليها الان حكياة مشابه في هذا الكتاب
    شكرا على النشر

    RépondreSupprimer

مجرد رأي

نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...