اليوم سأبدأ مقالي بهاته الأبيات للشاعر السوري محمد الماغوط فهي أكثر من معبّرة عمّا نعايشه في تونس الان :
يازهرتي الجميلة لن يعود أجدادك المناذرة و المماليك وبنو هلال و عنترة و شجرة الدرّ و زنوبياولا حريق روما و القاهرة و ابن رشد .هل تخافين الوأد؟لا عليك ,سنظلّ مطمورين حتى العنق في النصف المتبّقي من الوطن
ولذلك لن تذرونا الرياح .
قد لا يعني تاريخ الخامس و العشرين من ديسمبر2010 للكثير منّا شيئا.قد تكون رمزيّته و دلالاته قد غابت عنّا إمّا عن جهل أو عن تجاهل.إنّه ذلك اليوم الذي خرج فيه بضع عشرات من حرّات و أحرار بلدي الى ساحة الاتحاد بالعاصمة ضاربات و ضاربين بتهديدات البوليس و الجلاّدين عرض الحائط.إنّه تاريخ انطلاق أوّل تحرّك إحتجاجيّ بالعاصمة و هو تحرّك مساند للتحركّات الشعبية في ولاية سيدي بوزيد و بعض من المناطق الاخرى و التي ترزح تحت طائلة الفقر و الظلم و الاهمال و الامبالاة و التي طالتها عصا الدكتاتور ممثّلة في هراوات و قنابل وخراطيش كلابه المسعورة التي لازالت تتمتّع بحريّتها إلى يومنا هذا رغم الحديث عن ثورة و تغيّر في الأحوال. يومها خرجت تونسيات وخرج تونسيون أحرارإلى نفس ساحة الاتحاد التي ألقت فيها كلاب الحاكم الجديد قمامتها منذ أيّام .نعم نفس الاتحاد الذي دفعكم جهلكم و غروركم وعنهجيّتكم و غطرستكم إلى المطالبة بحلّه ناسين أمجاده و تاريخه العريق و نضالات أبنائه المترسّخة في ذاكراتنا أبدا. يومها خرجن و خرجوا وصرخن و صرخوا و رفعن الشعارات و رفعواو واجهن البوليس وواجهوا و اعتدي عليهنّ و اعتدي عليهم يومها ندّدن و ندّدوا بما تتعرّض له بنات و أولاد حبيبتنا تونس من قمع و من تقتيل من طرف رجال البوليس و جلاّدي الرئيس .يومها كان الصوت واحدا فهزّ أرجاء الساحة و رجّ غطرسة الحاكم.كفى قمعا كفى قهرا كفى ظلما كفى ألما كفى خضوعا كفى خنوعا كفى رضوخا يومها خرجن و خرجوا ليهتفن و ليهتفوا بالصوت الهدّار : شغل حرية كرامة و طنية و ليزعزعوا العاصمة بتلك الابيات الخالدة أبدا :اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر. نعم إنّها نفس الابيات التي سوّلت لأحد نوّابهم في المجلس التاسيسي نفسه فدعى الى تغيير النشيد الوطني . نعم إنّها نفس الأبيات التي ردّدت في ميدان التحرير و في مدريد و في وال ستريت وهي نفس الابيات التي صارت النشيد الرسميّ لكلّ ثائرات و ثوّار العالم على اختلاف لغاتهم نعم انّا كلمات شاعرنا العظيم الشابي و التي عبرت القارات و البحار و المحيطات و التاريخ .يومها لفت انتباهي خروج امراة من ماخور العاصمة الذي نعرفه باسم عبد الله القش و انضمّت الينا غير عابئة بهراوات و شتم رجال الشرطة .يومها كانت في المقدّمة و كانت تردّد الشعارات بحماسة كبيرة في حين راقبنا بعض الباعة و المارّة بعين ساخرة . نعم لقد خرجت من نفس الماخور الذي هاجمتموه و طردتم نساءه الى الشارع .نعم لقد أظهرت من تسمّونها بائعة الهوى أو العاهرة أو الفاجرة أو القحية وعيا قد غاب عن الكثير منكم فاختبأتم في بيوتكم و خرجت من ماخورها مطالبة بالشغل و الحرية و العدالة و المساواة و الكرامة و برحيل الدكتاتور و لم تكن تعرف أنّ دكتاتورية أخرى أشدّ قمعا في طريقها الى سرقة أحلامها و طموحاتها و أحلام و طموحات ملايين من بنات و أبناء شعبنا الباسلات و الباسلين ثمّ لاحظت أنّها فقدت حذاءها و لكنّها واصلت استبسالها في مواجهة وحوش تطبّق أوامر من روّضها . نعم واصلت مواجهة البوليس بقدمين حافيتين فبقي هذا المشهد منحوتا في ذاكرتي الى الابد فقرّرت سيدتي أن أهديك هذا النص قرّرت أن أعبّر لك عن تقديري و إعجابي و افتخاري بوجود نساء واعيات مثلك حتى و ان ظلمهنّ القدر . سيدتي انت عندي بالف رجل و أعرف أنّني سأنعت بالعاهرة بعد نشر هذا النص و سأتّهم بتشجيع الدعارة و الدعوة الى الزنا و الفساد و لكنّي أصرّ على اهدائك أيّاه أصرّ على رسم قبلة على جبينك فانت ممّن فتحن و فتحوا لهم الباب ليتكلّموا و يتصرّفوا بحرية و عوض أن تكافئي و تكافأ غيرك من نساء بلدي و عوض أن يردّ إليكنّ الجميل هاهم يتراكضون لسرقة حقوقكنّ و تكبيل أفواهكنّ و سرقة أحلامكنّ فتبّا لجهلهم و تبّا لغطرستهم فنحن هنا و سنبقى هنا و سنتمتّع بمساواة حقيقية و كاملة في يوم ما .يدفعنا الى ذلك اخلاصنا لوطننا و قيمنا و مبادئنا ووفاؤنا لتضحيات شهيداتنا يقين و منال و نرجس و جريحاتنا كمرام فتاة العامين و شهدائنا و جرحانا الذين فارقنا منهم الكثير بسبب لا مبالاة الحاكم الذي ما انفكّ يبحث عن طرق مختلفة لقمعنا من نقاب و زواج عرفيّ و تعدّد زوجات و من يدري ربما سنتحدّث عن زواج المتعة و ارضاع الكبير و غيرها من الخزعبلات و فتاوى و تخاريف شيوخ الخليج الظلاميين و الدجالين. إليك و الى نساء بلدي أهدي تحية تقدير و أقول لكنّ يجب أن نصمد فالحقوق و الحريات لا تهدى بل يجب أن تفتكّ فلنفتكّها فلنحارب من أجلها.فلنصمد أمام جميع الطغاة |
jeudi 8 mars 2012
نصي الاخير في ضد السلطة تحية الى بائعة هوى الخامس و العشرين من ديسمبر 2010
Inscription à :
Publier les commentaires (Atom)
مجرد رأي
نحن شعب لا يتعظّ من ماضيه و لا يحفظ دروس التاريخ و كأنّني بنا شعب قصير الذاكرة أو دعوني أقول معدوم الذاكرة. تستهوينا بعض عروض التهريج في مج...
-
أصبت بمرض مزمن منذ نعومة أظافري فحرمت من ممارسة حياة طبيعية لما تعلق الامر بالتعرض الى أشعة الشمس و ممارسة الرياضة و غيرها من الانشطة ال...
-
“ا غفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية, بعضكم سيقول بذيئة, لا بأس .. أروني موقفا أكثر بذاءة مما نحن فيه” ― مظفر النواب ...
-
و ينطلق الجسد في رقصة محمومة ... ذاك الفستان الأسود يبدو غير لائق بالسهرة فتطلب من صديقة لها غطاء رأس بمسحة تونسية ( فولارة ) لتربطها حول خا...
الطغاة كما الأرقام القياسية لابد من أن يأتي يوم وتتحطم...محمد الماغوط
RépondreSupprimerشهادة جميلة لينا
Happy international women's day ! "La femme est l'avenir de l'homme !"
RépondreSupprimer