أمشي مع والدي و صديقتي ـ ابنتي في شارع الحبيب بورقيبة منتظرين قدوم موعد أحد الأفلام التي ستعرض خلال فعاليّات مهرجان قرطاج الدولي للسينما . يعبّر لي والدي عمّا يخالج نفسه من توتّر و قلق و حزن عمّا الت اليه حالة المدينة. نمشي على الرصيف الأوسط للشارع الذي فقد بهجته منذ نقلت الاكشاك التي تبيع الزهور من هناك و أبعدت ... نتطلّع في الصور المعلّقة بين الأشجار و التي تعدّد صالات السينما التي تمّ اغلاقها خلال العشرية الأخيرة فتنقبض قلوبنا...
يتساءل والدي: هل هاته الأجواء أجواء مهرجان ؟ أهي أجواء مهرجان سينما؟
نمرّ وسط مجموعة من الناس يقفون هناك متطلّعين في الشاشة العملاقة التي نصبت هناك ضمن فعاليات المهرجان لتصمّ اذاننا باشهارات الجبن اللي طاح و لم تفلح وزيرة المرأة في جمعه و الجبن المربّع و المثّلث و اشهارات الياغرت و أغنية يتيمة لبوب مارلي و اخرى لشارل ازنافور بين الاشهار و الاشهارو بعض المشاهد النمطية لافريقيا
ثمّ ندخل القاعة و كلّنا شوق لمشاهدة فلم المخرج محمود الجمني ـ حنظل ـ و الذي سبق أن كتبت عنه ها هنا
فنفاجأ بتصرّف المشرفين على القاعة الذين كان كلّ همّهم انهاء هذا العرض المسائيّ بسرعة و العودة الى منازلهم ضاربين بخصوصية الظرف و المهرجان عرض الحائط . فهاهي المسؤولة عن القاعة تغرقها في الظلام الدامس جتى قبل أن نجلس و هاهم يحاولون حرمان المخرج و شخصيات الفلم من تقديمه و لكن تمّ ضلك بحرص من الحضور و المخرج و بعد انتهاء العرض رغبنا في النقاش بعد أن هزّ مشاعرنا و حرّك بعض الشمائر النائمة و ألهب الأفئدة الثورية و لكن ما راعنا الاّ وصاحب القاعة يصرّ على طردنا لا مباليا بعمر البعض و تاريخه ولا بشباب الاخرين و حماستهم و توقهم الى ا معرفة التاريخ و كتابة المستقبل .
و لمن أصررنا مرّة أخرى على البقاء فكان أن تكلّم والدي عن استمرار التعذيب الان في السجون و غرف الايقاف و غيرها من مقرّات الأمن مبيّنا أنّ الغاية من مثل هاته الأفلام هو استرجاع الماضي للاتعاظ منه و باء مستقبل مختلف و تلته زكية الضيفاوي التي تحدّثت عن الوضعية الان و تحدّثت عن العودة الى تلفيق التهم التي عهدناها في وقت بن مقارنة ما وقع في قرية العمران من مدينة منزل بوزيان بما وقع في الحوض المنجمي في 2008 و الذي عانت خلاله ويلات التعذيب ثمّ تحدث أحد المساجين السياسيين الاسلاميين مركّزا على خطورة الصمت الذي وقعنا فيه من جديد
ثمّ طردنا من القاعة فعاشت مهرجانات السينما . أبهاته الطريقة ستتغيّر الأوضاع ؟ أهكذا سنتتغيّر الامور؟ كان بالاحرى على المنظمين و المسؤولينـ المسهولين فكريا على الدوام برمجة عدّة عروض لهذا الفلم . كان على وزارة الداخلية التي تدّعي رغبتها في الاصلاح و سعيها الحثيث تجاهه أن تبرمج هذا الفلم للعرض في جميع ثكناتها ليتّعظ جلاّدوها القدامى و الحاليون و القادمون و ليسعوا الى تغيير معاملاتهم. كان على قنواتنا الوطنية و الخاصة التسارع للظفر بالفلم و عرضه .كان على وزير الثقافة أن يسارع و يطلب عرضه على الشاشة العملاقة للحبيب بورقيبة عوض تسميمنا باشهارات الياغورت و الجبن في ظلّ غلاء المعيشة و ارتفاع الاسعار في ظلّ حكومة العار
ملاحظة العنوان مقتطف من الفلم و هي جملة قالها أحد المعذّبين في السجون التونسية .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire