في شارع محمد الخامس، قبالة مركز الطب الجامعي، و جدت نفسي في الصف الأوّل للمتظاهرين، نناقش مع أعوان الشرطة ضرورة تراجعهم على الأقلّ حتّى نهاية الشارع عند التقائه بشارع بورقيبة بما أنّ همهّم هو احترام إجراء المنع و نذكرهم بتعهداتهم بأن يكونوا في صفّ الشعب و حماة للجمهورية ... و كانوا يدفعوننا بقوّة لنتراجع.. و كنت بجوار لينا أحاول أن أحميها من عونين لحظت في عينهما حقدا عليها... و فجأة امتدت هراوة من الصفّ الثاني أو الثالث و ضربتني على مرفقي... فأخذت أحتج... و حصل تدافع ... و رأيت يد شرطي (بالزي اليوميّ المعتاد الأزرق ؟) تمتد نحوي من الصفّ الخلفيّ تصفعني... ثارت ثائرتي و ناديته متحدّيا... ففرّ ... فأخذت أصرخ وراءه و أحاول ملاحقته... أحاط بي شرطيان، ثلاثة و أربعة و اعتذر لي بعضهم و عرضوا عليّ وجوههم لأصفعها... رأيت أحدهم دامع العينين... تركوني أجلس على العشب لأرتاح.. و فجأة انطلقت من خلف صفوف الشرطة، بكثافة، قنابل الغاز الذي ملأ كامل المكان و آذى الجميع حتّى... أعوان الشرطة... التفت فرأيت صحافية شابة في حالة سيئة ... و نصحني متظاهر أن أجلس... فوجدت إلى جانبي شخصا عرفت فيه أحد أعضاء التأسيسي يكاد لا يتنفّس,,, لم أحم لينا... بل أضعتها... و لم تصلني أخبارها إلاّ بعد لأيّ . دفعت و ضربت، و شلّ نفسها و فقدت لوهلة وعيها... لكنّها عادت فطاردها ثلاثة أعوان: و مسكها اثنان من نهديها فيما انهال الثالث على رأسها ضربا و لطما... بعد ساعتين علمت أنّ خليل الزاوية الوزير ( و لا أريد أن أقول الدكتور أو النقابي أو الحقوقي أو الصاحب) كان يضحك في "موزاييك" كلّما قيل له أنّ فلانا أو فلانة قد ضربا ... في الأثناء رأيت جوهر مكسور المرفق ثمّ رأيت حمة و راضية و فاطمة تبدو عليهم آثار الاعتداء و أوقفت سيّارة أجرة ركبتها شابة كسرت رجلها بضربة من ساق شرطيّ ثم كسر حوضها إذ سقطت على الطوار... كما رأيت رجال الشرطة يحاصرون متظاهرا مستعملين في ذلك درّاجات نارية و سيّارات و ميليشيا... و شاهدت أعوانا يضربون الناس بالحجارة... و رأيت شابا ينهار جرّاء ذلك فيهبّ إليه شباب فيرميهم أعوان بالحجارة و يحولون دونهم و دون إغاثته... و سمعت فتاة محجبّة تشجعهم على ذلك من نافذة شقّتها و سمعت الفاظا و شتائم و عبارات أقلّ ما يمكن أن توصف به أنّها مقرفة و تبين عن نوعية الفد الذي ينتظرنا : غد يحكمه الطاعون الأسود
.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire